#1 | |||||||||||
| |||||||||||
![]() الرأي بين الجماعة والفرد! أحمد الهلالي (مخطي مع ربعك ولا وحدك مصيب)، مثل شعبي يستخدم لثني مختلف الرأي عن الأكثرية، فسلطان الجماعة يفرض على جميع المنضوين تحته أن ينطلقوا في رأي واحد، حتى لو كان الرأي خاطئا، فلا قيمة لصواب الفرد، أو الأقلية، بل يعدونه شذوذا وخروجا على رأي الجماعة، ولا بد أن ينفصل الفرد عن ذاتيته ويعزلها، ويمضي مخطئا مع رأي الجماعة، متقبلا لذلك، مقتنعا بالمثل الآخر المعزز (الموت مع الجماعة رحمة) وغيره من الأمثال المشابهة. هذا الرأي قديم في الثقافة العربية، فالمثل السابق يشبه قول دريد بن الصمة، حين نصح قومه فلم يلتفتوا إلى نصيحته، فانصاع إلى غوايتهم وهو يدرك أنهم مخطئون، وحاق بهم غيّهم، فقال: فلما عصوني كنت منهم، وقد أرى غوايتهم، وأنني غير مهتدي وهل أنا إلا من غزيّة إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد! هذه الثقافة المتجذرة في الدم العربي إلى اليوم كانت تفرضها ظروف حياتهم وما يواجهونه من أخطار عظيمة، وربما تسوغها بعض الظروف الاستثنائية في حياتنا المعاصرة (أحيانا)، لكن أن تكون نظام حياة، وقاعدة أثيرة تنسحب على الحياة العامة، وتصل هذه الثقافة إلى البيئات الإدارية ويصبح شعار المرء (والرأي ما ترونه)، فهنا سيكون لها الأثر السلبي على عديد من القضايا والقرارات. ثقافة فردانية الرأي، وإحساس الإنسان بقيمة ذاته ضمن الجماعة، هما ضمان نجاح الجماعة، وصواب رأيها؛ لأن ذلك يجعل الجماعة تسير بعقل أكبر، وقد استوفت من خلال أفرادها النظر في جميع الزوايا والاتجاهات، ولن تكون جماعة حقيقية إلا بذلك، أما اعتمادها على فرد، أو مجموعة أفراد يسيرونها، واعتبار الآخرين حشوا في نظامها، فلا أجد له شبها إلا سيارة في ليل مظلم اختار قائدها السير على هدى الإضاءة الخافتة، غافلا ـ من غير محذور ـ عن إشعال جميع مصابيحها، فهل سيحصل على الإضاءة الكافية لكشف خبايا الليل البهيم؟! ما شاهدته في كثير من القضايا، سواء على مستوى الحوارات أم على مستوى الأعمال الإدارية، وغيرها، جعلني أؤمن بدقة وصف (ثقافة القطيع) فكثير من الذوات قد تشربت ثقافة الجماعة، فألغت فردانيتها، وباتت تقدم المصالح الحزبية أو المصالح الخاصة وإيثار السلامة على أصالة الرأي، يغذي ذلك ضيق بعض المسؤولين أحيانا بمن يبدون آراءهم فيطلقون عليهم الأوصاف المهيئة لإقصائهم (مشاكس أو متفلسف أو معارض)، الإقصاء الذي يجبر الآخرين على المداهنة، مما جعل كثيرا من قرارات المجالس أو اللجان تخرج نيئة، أو خديجة لا يكتب لها الاستمرار. |
![]() |
مواقع النشر |
|
يتصفح الموضوع حالياً : 7 (0 عضو و 7 ضيف) | |
![]() | |
, |
|
|