| مقتطفات دينية صفحات دينية منوعة مختصرة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
#1 |
|
الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم
كتمان الغضب الحمد لله العزيز الغفار، أحمده سبحانه من إله عظيم رحمته سبقت غضبه، وأخْذُه أخذ عزيز مُقتدِر، وأشكره على ما مَنَّ به من الفَضْل والإحسان لمن تاب وأناب، وعفا وسامح، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في مُحكَم كتابه: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من جاهَد وصبَر، وعبَد وشكر، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وجميع أتباعه، والمتمسِّكين بهديه الراضين بالقضاء، والصابرين في البأساء والضراء، والناطقين بكلمة الحق في الغضب والرضا. أما بعد: فأيها الناس، اتقوا الله تعالى، واحذروا مخالفةَ أمر الله - عز وجل - وأمرِ رسوله صلى الله عليه وسلم، واعلموا أن للغضب أضرارًا تَنجُم عنه، كما أن له أسبابًا تُطفئه، من أبرزها: كِتمانه وحبسه في النَّفْس وعدم إظهاره؛ ففي ذلك فضل كثير، وخير عميم، دلَّ عليه القرآن والسُّنَّة، ومدافعة الغضب بأن يَملِك نفسه عند الغضب، قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصرعة؛ وإنما الشديد الذي يَملِك نفسَه عند الغضب))، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فما تَعُدون الصرعة فيكم؟))، قلنا: الذي لا يَصرعه الرجال، قال: ((ليس بذلك، ولكنه الذي يَملِك نفسه عند الغضب))[1]. أيها المسلم: واسمع ما جاء في فضلِ من كتَم الغيظَ وهو قادر على تنفيذه؛ لأنه يكون بذلك صابرًا محتسبًا وأجرُه عند الله تعالى عظيم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كَظَم غيظًا وهو قادر أن يُنفِذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يُخيِّره من أي الحور شاء))، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وما من جُرْعة أَحبُّ إلى الله من جرعة غيظٍ يَكظِمها عبدٌ، ما كظَمها عبدٌ لله إلا ملأ الله جوفَه إيمانًا)). أيها المسلمون: إن هذا الفضل الكثير بكتمان الغضب، قد تلقَّاه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عن نبيهم صلى الله عليه وسلم محبة وتأسيًا؛ جاء رجل إلى سلمان رضي الله عنه فقال: يا أبا عبدالله، أوصني، قال: لا تغضب، قال: أمرتَني ألا أغضب، وإنه ليغشاني ما لا أَملِك؟ قال: فإن غضبتَ فاملِك لسانَك ويدك، قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في جامع العلوم والحكم: وملكُ لسانه ويده هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، بأمره لمن غضب أن يجلس ويضطجع، وبأمره له أن يَسكُت، وقال تعالى في صفة المتقين الذين أُعِدت لهم الجنة: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وقال في صفة المتوكلين: ﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37]، فالواجب على المسلم أن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله، وربما تناولها بنيَّة صالحة فأُثيب عليها، وأن يكون غضبه غَيرة على دِينه، وإنكارًا على مَن عصى الله ورسوله، فالذي ينبغي للمسلم أن يتباطأ في غضبه؛ فلا يغضب من أجل الانتقام لنفسه والانتصار لها، بل يَستعمِل الرِّفقَ والحِلم؛ فإن الأمر ما دام في جوف الإنسان لم يَندَم عليه، والذي ينبغي أن يكون له غضب المسلم هو: ما إذا انتهكت محارم الله، أو سُبَّ دِينه، أو خُدِش عِرْضه، وهذه كانت حالة النبي صلى الله عليه وسلم الذي لنا فيه الأسوة الحسنة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يَنتقِم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حُرمات الله لم يَقُم لغضبه شيءٌ، ولم يضرب بيده خادمًا ولا امرأة، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وخدَمَه أنسٌ عشر سنين فما قال له: أفٍّ قط، ولا قال لشيء فعَله: لمَ فعلتَ كذا؟ ولا لشيء لم يفعلْه: ألا فعلتَ كذا؟ وفي رواية: أنه كان إذا لامَه بعضُ أهله، قال صلى الله عليه وسلم: ((دَعُوه؛ فلو قُضي شيء كان)). |
|
|
![]() |
| مواقع النشر |
| يتصفح الموضوع حالياً : 2 (0 عضو و 2 ضيف) | |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
| انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|